الركن الثالث من أركان الإسلام .. الزكاة
الزكاة من آكد العبادات بعد الشهادتين والصلاة، فالصلاة حقٌّ الله -تعالى-، والزّكاة حقٌ لِعباده وإحسانٌ لهم … فهي الركن الثالث من أركان الإسلام …. ومن أهميتها عند رب العالمين فقد تكرر ذكر الزكاة في القرآن مع مشتقّاتها وتصاريفها فذُكرت في ثمانية وخمسين موضعاً من القرآن الكريم، وتكرر ذكرها مقترنة بالصلاة في ستّةٍ وعشرين موضعاً، للدلالة على أهمّيتها… هذا بخلاف المواضع التي تحث على الصدقة وأحيانا تأتي الصدقة ويراد بها الزكاة
ترجع الزكاة في اللغة للفعل (زكى) الدال على معاني النماء والزيادة والطهر، ولكن تطورها الدلالي في الإسلام بلغ بها مبلغاً فريداً متميزاً، فبالإضافة لهذه الدلالات اللغوية الرائعة (النماء والزيادة والطهر) أصبحت من حقائقه الشرعية إذ هي الركن الثالث من أركان الإسلام، فهي أحد مباني الإسلام؛ من الأسس التي لا يقوم الإسلام بدونها.
حكم الزَّكاة
الزكاة من فرائض الإسلام وهي أحد أركانه وأهمها بعد الشهادتين والصلاة ، وقد دل على وجوبها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم وإجماع المسلمين ، قال -عليه الصلاة والسلام-: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ)،[ البخاري] وتُعدُّ من ضروريات الدّين، فمن أنكر وجوبها فهو غير مؤمن بالله، واعتبر أبو بكر الصديق مانعي الزكاة الذين أنكروها مرتدين عن الإسلام.. وتجب في الأموال التي حدّدها الله -تعالى- وبيّنها للنّاس، وللزّكاة العديد من الفضائل، ومنها ما يأتي:
من صفات أهل الجنّة أنهم يزكون:
لقوله -تعالى-: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ* كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ* وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ).[ سورة الذاريات]
من صفات المؤمن المُستحقّ للرّحمة من الله -تعالى– أنهم يزكون:
لقوله -سبحانه-: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَامُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ).[ سورة التوبة]
زكاة المال وتنميته، وفتح أبواب الرزق: وإن كانت الزكاة في ظاهرها تنقص المال، إلاَّ أن الزكاة -بموعود الله- بل بقسم الرسول سببٌ لزيادة المال ونموه، قال صلى الله عليه وسلم “ثلاث أقسم عليهن.. ما نقص مالَ عبدٍ صدقة، ولا ظلم عبد بمظلمة فيصبر إلاَّ زاده الله -عَزَّ وَجَلَّ-، ولا يفتح عبدٌ بابَ مسألة إلا فتح الله له باب فقر”
وتُعدّ سبباً لتنزُّل الخير، ومغفرة الذُّنوب، ودليلٌ على صدق إيمان صاحبها؛ لأنّه يبذل المال محبةً لله -تعالى-.
تجدها عند الله قال سبحانه: “وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ الله إِنَّ الله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” (البقرة/110).
ووصف المؤمنين بصفات علق عليها الفلاح وكانت منها أنهم يزكون: (قد أفلح المؤمنون الذين هم فيصلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغوا معرضون والذين هم للزكاة فاعلون …) المؤمنون
من ثمرات الزكاة
تسهم في قيام نظام اجتماعي متوازن يحقق التضامن والتكافل والتراحم والتعاطف والألفة والمحبَّة؛ إذ يعطي الغني فيه الفقير من ماله الذي هو مال الله وهو مستخلف فيه مسؤول عنه، وأن عليه فيه حقوقًا متنوعة «وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ»، ابتغاء مرضاة الله والفوز بثوابه، فيخرجه أداءً للواجب وبراءة للذمَّة من غير استعلاء ولا منَّة، بل عبادةً لله وشكرًا واستشعارًا للبركة التي يرجوها من الله في ماله، والمنَّة في ذلك والشكر لله، مع الشعور بالأخوة الإسلاميَّة التي أوجبت له في مال أخيه ما يسهم في سد حاجته.
وتطهر النفس من البُخل والطمع والشح، قال تعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها …) التوبة
مانع الزكاة: من بخل بها أو انتقص منها شيئاً فهو من الظالمين المستحقين لعقوبة الله تعالى في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا ضرب لنا مثال التعرض للعذاب وانتزاع البركة وهلاك المال: كأصحاب الجنة في سورة القلم (إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين…)، فعاقبهم الله (فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كاصريم…)
وفي الآخرة عذاب أليم ووعيد شديد:
قال تعالى:” ولا يحسبن الذين يبخلون بما ءاتاهم الله من فضله هو خيراً لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة ولله ميراث السموات والأرض والله بما تعملون خبير “ (آل عمران / 180).
وقال تعالى: “والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم (34) يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون “ (التوبة /34، 35).
ويتحول المال إلى وسيلة يعذب بها صاحبه إذا لم يؤدي زكاته… ولن يجهد الفقراء إذا جاعوا أوعروا إلا بما يصنع الأغنياء، ألا إن الله يحاسبهم حساباً شديداً ومعذبهم عذاباً أليماً ….
إن المال إذا بلغ النصاب حوالي ما قيمة 85 جرام ذهب ومر عليه عام فقد وجب فيه الزكاة ربع العشر 2.5% ويصير هذا الجزء لم يعد ماله وإنما أمانة يوصلها لمستحقها… فانتبه جيداً فالأمر خطير.
أيها المؤمنون لا تعرضوا أنفسكم لسخط الله فهو إما ثواب عظيم أوعقاب أليم
ولاتنسوا زكاة الفطر من رمضان … وهي تجب على كل إنسان صغيرا كان أو كبيرا، رجل أو امرأة ولا تنتظر بلا داعي حتى لا تفاجأ بالعيد وتضيق على من ينوب عنك في توزيعها.
واعلموا أنما أعمال بالخواتيم وها هو رمضان يقترب من نهايتها فلا تكن من المحرومين وهي أربعة أيام تبقت وهي من أفضل الأيام ولعل ليلة القدر فيها ولا يحرم خيرها إلا محروم … هل تريد حقاً أن تُحرم هذا الخير.. إنها ساعات وينتهي رمضان … أصلح فيما بقي لعلل الله يصلح لك ما مضى.