ودخل شهر شعبان شهر ترفع فيه الأعمال … الطريق إلى رمضان
أَقْبَلَ شَهْرُ شَعْبَانَ وَهو الْمقَدِّمُ لِشَهْرِ رَمَضَانَ؛ لِذَا كَانَ بَعْضُ السَّلَفِ إِذَا دَخَلَ شَعْبَانُ، أَكَبُّوا عَلَى المَصَاحِفِ فقرؤوها، وَاخْرَجُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، تَقْوِيَةً لِلْضَعِيفِ وَالمِسْكِينِ، عَلَى صِيَامِ رَمَضَانِ… كلما أهل علينا هلال شهر شعبان المبارك في كل عام نتذكُّر شهر رمضان المبارك وصيامه وقيامه والأعمال الصالحة التي تظلله… لقد أظلَّنا شهر التهيئة العقلية والنفسية والجسدية، وذلك استعدادا لاغتنام ما يلي شعبان من أيام رمضان …شهر رمضان ينادينا في شعبان أن ابسط يديك.. وأبدأ في صيامك وقيامك.. صدقاتك وذكرك، وإن العبد يجري في هذه الدنيا في مضمار سباق نحو الآخرة، والموفق هو الذي يبادر الفرصة، ويحذر فوتها، والمحروم من حرم الخير، وإن شهر شعبان موسم من المواسم الرابحة في التجارة مع الله تعالى.
من أبواب الخير والبر في شهر شعبان:
الإكثار من الصوم في شعبان:
فِيهِ فَضِيلَةَ الصِّيَامِ؛ وَمِنْ حِكَمِة صِيَامِهِ: تَهْيِئَةُ النُّفُوسِ لِصِيَامِ رَمَضَانَ، فكأن صيام شعبان بمنزلة السنن الرواتب من الصلاة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم- يكثر من الصيام في شهر شعبان، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ أَحَبُّ الشُّهُورِ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَصُومهُ شَعْبَانَ، ثُمَّ يَصِلَهُ بِرَمَضَانَ». (سنن أَبي داود) صحيح، وعَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها- قَالَتْ: “كَانَ رَسُولُ الله – صلى الله عليه وسلم – يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يَصُومُ. فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ الله – صلى الله عليه وسلم – اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ” (صحيح البخاري)، وقد أوضح النبي -صلى الله عليه وسلم- علة إكثاره -صلى الله عليه وسلم- من الصيام، فعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْراً مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَب وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِيْنِ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» (سنن النسائي) صحيح.
2- رفع الأعمال إلى الله تعالى:
شهر شعبان موعد سنوي لرفع الأعمال إلى الله تعالى، قال العلماء: ورفع الأعمال على ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: رفع يومي ويكون ذلك في صلاة الصبح وصلاة العصر، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون “(صحيح البخاري ومسلم).
الدرجة الثانية: رفع أسبوعي ويكون في يوم الخميس، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ”إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة، فلا يقبل عمل قاطع رحم “ (مسند أحمد؛ حسن).
الدرجة الثالثة: رفع سنوي ويكون ذلك في شهر شعبان؛ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْراً مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَب وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِيْنِ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» (سنن النسائي، صحيح).
3- إحياء مواسم الغفلة:
اهتم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالإكثار من الطاعات في شهر شعبان، إحياء لهذه الأزمان الشريفة، فقال: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَب وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِيْنِ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ». (سنن النسائي، صحيح). وهذا الحديث أصل استحباب ذكر الله تعالى وقت الغفلة، وقد دل على ذلك نصوص عدة، منها : قول النبي صلى الله عليه وسلم: (العبادة في الهرج كهجرة إليّ) رواه مسلم، والهرج هو الفتنة واختلاط الأمر، وحينها ينشغل الناس بالفتنة، ويغفلون عن العبادة، فكانت العبادة إذ ذاك كالهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومنها : قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أقربُ ما يكونُ الربُّ من العبدِ في جوفِ الليلِ الآخرِ فإِنِ استطعْتَ أن تكونَ ممن يذكرُ اللهَ في تلْكَ الساعَةِ فكُنْ) رواه الترمذي وقال حسن صحيح، وجوف الليـل وقـت نـوم، وغالب من يسهرون فيه يسهرون في لعب ولهو وغفلة، فحرص النبي صلى الله عليه وسلم على الذكر ذلك الوقت لكثرة الغفلة فيه. قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى، وفيه دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة وأنه محبوب لله عز وجل، كما كان طائفة من السلف يستحبون احياء ، ما بين العشاءين بالصلاة لذلك. وكذلك نجد فضلا كبير جدا للذكر في السوق وذلك لأنه مكان يغفل الناس فيه عن الذكر وينشغلون بالسوق.
4– القرآن في شعبان (شهر القراء):
ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان تعتاد النفوس بذلك على طاعة الرحمن. قال سلمة بن كهيل: كان يقال: شهر شعبان شهر القراء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القرّاء. وكان عمرو بن قيس الملائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرّغ لقراءة القرآن. (لطائف المعارف)، فيدخل عليك رمضان وقد ألفت كثرة القراءة وروضت نفسك على التلذذ بآيات القرآن الكريم
٥– قيام الليل:
ابدأ بقيام الليل ولو ركعتين خفيفتين … فهي من صفات الصالحين ومن صفات عباد الرحمن التي ذكرها الله في سورة الفرقان (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا) (الفرقان (64…
إن شهر شعبان شهر ترفع فيه الأعمال، تنزل فيه البركات، فاتركوا فيه الخطيئات، فعلى كل مؤمن لبيب ألا يغفل في هذا الشهر، بل يتأهب فيه لاستقبال شهر رمضان بالتطهر من الذنوب والتوبة عما فات وسلف … فَأُوصِيكُم وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)
مجملا … طَاعَة وَعَمَلِ خَير وَإِحسَانٍ … صيام وقيام … صدقة وصلة أرحام … وذكر وقرآن … إصلاح ذات البيان … كيف تحب أن يرفع عملك … وتهيأ وتجهز لرمضان